دلال قاسم

من العناصر التي تفتقدها في حياتك اليومية وتجدها في الخارج: الأمن والحرية والخلاص من رؤية جنود الاحتلال على الحواجز في كل مكان تسافر اليه في الوطن. تتذكر هناك نظام المواصلات العامة في وطنك والتي أثقلت كاهل المواطنين بمواعيدها المتقلبة وعدم تمتعها بالنظام والدقة. تفتقد حريتك الشخصية حيث لا يتدخل أحد بشؤونك. توجد لدينا أماكن طببيعة جميلة جداً في الوطن لكن الاحتلال يسيطر عليها ويحرمنا منها.

خلال زيارتنا للمدن الايطالية ضمن رحلة برنامج زاجل الشبابي سحرتني البندقية. شعرت أنها مدينة استجمامية أكثر من غيرها. سحرني جمالها. هي أكثر مدينة تضج بالسياح. تمتلك جزرها جمالا يطغى على ازدحام الزوار وكثرتهم. كل جزيرة تختلف عن الاخرى جمالاً وابداعاً. يتجلى ابداع الخالق فيهن. أعجبتني جميع المدن كروما ونابولي وفلورنسا وفينيسيا وبيزا وميلانو.

لم تكن تجربتي هي الاولى في أوروبا فقد كنت على دراية بأمور المطارات وأجزم أن أول سفرة تكون فيها لوحدك بدون مسؤول عنك (شخص تعتمد عليه) تكون هي الدرس الاول والاساسي للسفر وتعلمك كيفية استخدام المطارات ومحطات القطارات والباصات وتعلمك كثيراً على نظم السفر المعقدة نسبياً في اوروبا.

تعلمت هناك أهمية الوقت واحترام النظام بشكل أفضل وأن الناس تستطيع أن تغش بتذاكر القطار فمن الممكن ألا يفتش المراقب على التذاكر لكن الامانة هي الاساس. اكتشفت أننا شعب متذمر نشتكي من المواصلات العامة في بلادنا ولكن اتضح لي أن الازدحام والاختناق موجود في مختلف بلاد العالم مع فروق في إدارة هذه الأزمات وتوفير الحلول المناسبة لها. ما بهرني في القطارات الاوروبية هو فخامة المحطات تحت الارض لديهم والتي تشكل عالماً كاملاً تحت الارض. أما عندنا فلدينا محطات فوق الارض ولا نستطيع ادارتها وضبط مواعيدها.

في ايطاليا الكثير من المواقع والأماكن الجميلة في فن عمارتها والتي تروي قصصاً عن تاريخ المدينة فمثلا نافورة تريفي في روما تروي خرافة تقول بأن من يرمي نقوداً ويتمنى أمنية فستتحقق تلك الأمنية أما من يرمي من وراء ظهره فسيعود لروما.

أعجبت بالعازفين الموسيقيين والمغنين في الشوارع حيث يتفاعل المارة معهم ويصغون اليهم بدقة وانتباه ورغم كثرة السياح فانك تلمس أن هدوء المدينة طاغ أما النظافة فهي مسيطرة في كل مكان.

تتمتع الجزر الايطالية بألوان منازلها القديمة التي تزودك بالتفاؤل والامل بالحياة والهدوء الذي تستوحيه من طبيعتها الخلابة التي تأخذك بعيداً عن هذه الدنيا الى عالم آخر مليء بالاسترخاء والمحبة. هل يعقل الا تؤثر هذه المشاهد الطبيعيىة في النفس وتزودها بالراحة التي لا مثيل لها فكأنك ترمي همومك في النهر.

تكتظ المدن بالسواح الذين يتمتعون بحس الدعابة والانفتاح على الضيوف والزوار والتفهم والتسامح فبالرغم من كوننا مجموعة شبابية ُتحدث بعض الضجة أحيانا إلا أنهم كانوا يبدون الاحترام ويعجبون بنا وعندما نعتذر عن الضجة في نهاية الطريق فقد كانوا يشكروننا لاننا كسرنا روتين وجمود رحلتهم فهم يدركون كيف تكون رحل الاصدقاء. وبذلك تعرفنا أكثر على العديد من الثقافات الاوروبية للزوار والسياح الذين يزورون ايطاليا.

كانت رحلة ايطاليا منظمة حيث استفدت من معرفة كيفية التنقل بالقطارات وحجز التذاكر لوحدي والتنقل بين المدن. عندما كنا نتاخر بضعة دقائق كنا نكمل الطريق وحدنا دون انترنت ودون خرائط الكترونية واستطعنا الوصول الى المكان المنشود حيث اصبحت لدينا المعرفة الكافية للتعامل مع نظم المواصلات.

أعتقد أن الطعام الايطالي يعتبر من أشهى المأكولات ولكن من أدسمها. كنت أظن أن الطعام العربي هو الطعام الوحيد غير الصحي لكنني اكتشفت أن الطعام الايطالي مشابه له في البعد عن الصحة لكن مذاقه لذيذ. قد لا يحتوي على الفيتامينات والالياف فكل تركيزه على الكربوهيدرات، أما الطعام البحري فكان شهياً جداً ولذيذاً.