انطباعات المتطوعين المحليين المشاركين في فعاليات المخيم الدولي لعام 2003
لقد زادت معرفتي لمدينة نابلس ومؤسساتها ومخيماتها من خلال مشاركتي في فعاليات المخيمات التطوعية الدولية، إذ لم تقتصر الفائدة على المتطوعين الأجانب فحسب، بل شملتنا المعرفة كمشاركين محليين, تعرفنا على تاريخ فلسطين أو بالأحرى تعرفنا على أنفسنا من خلال احتكاكنا بالآخر، لقد سعدت كثيراً بمشاركتي في هذه التجربة وأتمنى لو أستطيع أن أكررها. عندما ُطلب مني القيام بكتابة انطباعاتي ومشاعري حول مشاركتي في المخيمات التطوعية الدولية التي نظمها برنامج زاجل، كان علي استرجاع الذاكرة لاستطيع استرجاع التجربة التي مررت بها. في الأيام الأولى للمعسكر الأول تولد لدي شعور بالتحدي، ذلك التحدي النابع من تعليق منسق البرنامج الذي كان يقوم بتدريبنا على المشاركة في فعاليات المخيم، والذي أشار إلى أن عدد الذين سيصمدون ويحتملون شروط المشاركة المرهقة في هذه الفعاليات سيكون قليلاً، وذلك لقسوة الظروف التي سنعيشها في المعسكر الصيفي، وشبه ذلك بتساقط أوراق الشجرة، عندها أخبرته أنني سأبقى على هذه الشجرة، لسبب واحد ألا وهو رغبتي العميقة في خوض التجربة مهما كانت التحديات، وهذا التحدي خلق لدي قناعة عميقة وراسخة بان الإصرار على الوصول إلى الهدف سيؤدي في النهاية إلى تحقيقه. لقد كانت مشاركتي في هذه المخيمات التطوعية الدولية هي الأولى لي في العمل التطوعي، كانت تجربة قاسية وصعبة، .وأول هذه المسؤوليات وأصعبها هي مسؤولية تنظيم العمل التطوعي اليومي التي حملتها على عاتقي، كانت هذه التجربة رغم صعوبتها الأجمل والأمتع طيلة مشاركتي في فعاليات المخيمين الدوليين، ذكريات راسخة في ذهني ولن أنساها. لقد تعلمت من هذه التجربة الكثير كالقدرة على التحمل والشعور بالرضا النفسي، وذلك لما حاولت تقديمه إلى مجتمعي، قصص لن تمحى من ذاكرتي، ومشاعر ستبقى كامنة في أعماق نفسي، قد لا استطيع التعبير عنها، لكنها ستبقى، ولا أدل على ذلك من المشاعر التي شعرت بها في يوم الوداع، كانت الأجمل والأكثر تناقضا، كانت مزيجاً من الفرح والحزن معاً، الحزن لفراق أصدقاء جدد والفرح لنجاح المخيمات التطوعية لهذا الصيف ولبقائي ورقةً خضراء على شجرة التحديات. لقد كانت مشاركتي في هذا العمل التطوعي واحدة من أهم المحطات في تاريخ حياني, إنني مسرورجداً بهذه المشاركة التي فتحت أمامي المجال للتعرف على أشخاص من مختلف أنحاء العالم وعلى ثقافاتهم وآرائهم المختلفة التي يحملونها عن الشعب الفلسطيني، حيث كان معظمهم ضحيةً للإعلام الغربي الذي لا ينقل الصورة الحقيقية عن الشعب الفلسطيني. إنني فخور جدا بهذه المشاركة، واعتبر ما تم إنجازه في هذا العمل انجازا كبيراً لصالح قضيتنا، كما اعتبر هذه المشاركة رحلةً إلى جميع أنحاء العالم وذلك لما تعرفت عليه من ثقافات ولغات واديان وأعراق مختلفة شاركت في هذا المخيم. كان صيف عام 2003 من أهم الفصول التي عشتها في حياتي، فمنذ وقت طويل لم اجتمع مع مثل هذا العدد من الطلاب المنحدرين من جنسيات مختلفة, كانت تجربة مليئةً بالحوار الثقافي والاجتماعي والحضاري والتاريخي. شهران متواصلان من العمل التطوعي الذي عزز لدينا الإيمان بإيجابية ما نفعل، لم أتخيل أن الحضارة الغربية بعجلتها المتسارعة قد ُتبقي في أحد أي مساحة للمشاعر الإنسانية، ولكنني أيقنت الآن، وبعد هذه التجربة، أن النفس التي ُجبلت على الخير، تحافظ عليه مهما اعترضها. كثيرة هي المواقف التي تراودني وأنا أكتب ما شاهدته من أحداث ومواقف أثناء مشاركتي في فعاليات المخيمين التطوعيين الدوليين الذين نظمتهما الجامعة، لقد حملنا مع زاجل رسالة سامية نبيلة, هدفها إيصال صوتنا إلى البلاد البعيدة التي لا تعلم الكثير عن قضيتنا العادلة. لقد شاركت في فعاليات المخيم التطوعي الدولي بصفتي احد المتطوعين المحليين، إلا أنني أحس أن صفة ” متطوع” ليست دقيقة عند الحديث عن خدمة يؤديها الإنسان إلى أهله ووطنه ومجتمعه، فهي واجب وطني ُيعمّق الانتماء إلى هذا الوطن ويشعرني بالمسؤولية الفعلية تجاهه من خلال المشاركة في أعمال ُتعمق هذا الانتماء. لقد كانت تجربتي مع برنامج زاجل تجربةً مهمة، إذ أثرت مخزوني الثقافي والاجتماعي, وتعلمت فيها العمل ضمن فريق واحد، كما تعلمت الإحساس بالمسؤولية التاريخية والوطنية، كما تعمّق لديّ حب الوطن. عشنا كعائلة واحدة، تحدثنا كثيراً عن مشاكلنا وهمومنا، واستطعنا أن نرسل رسالتنا السامية عبر هؤلاء المتطوعين الدوليين الذين أصبحوا الآن أعضاء زاجل الجدد، كما كان الحمام الزاجل دوما حاملا لرسائل السلام والحق والعدل. كلي يقين أن رسالتنا قد وصلت ونجحت في إبراز صورتنا الحقيقية، نحن شعب حي كبقية الشعوب، لنا تراثنا وحضارتنا, ولن أتأخر في المشاركة في المخيمات التطوعية الدولية التي سينظمها زاجل في الصيف المقبل، فهي تجربة رائعة تصقل الشخصية وتعلمها الصبر والثبات. اليوم مضى عام على تطوعي في برنامج التبادل الشبابي الدولي (زاجل)، كان ذلك بعد فترة وجيزة من تطوعي في دائرة العلاقات العامة إثر نصيحة تلقيتها من اصدقائي عوني ابو زنط ويوسف قرقش والذان شجعاني على العمل في البرنامج. ارغب في مواصلة تطوعي في برامج زاجل حتى التخرج، لقد كانت السنة الماضية من اجمل السنين، اشعر انني اتعلم كثيراً وبسرعة كبيرة، ويوما بعد يوم، تكبر في الامل بمستقبل أفضل، مستقبل اصنعه بيدي، نحن إشراقة المستقبل وحلم لا بد ان يتحقق. لقد كان عندي وقت فراغ كبير لا استطيع ان اشغله في الجامعة، ولم يكن لدي اي نشاط لافعله لملىءوقت فراغي، وعندما علمت بنشاطات برنامج زاجل في دائرة العلاقات العامة من خلال احد المتطوعين في البرنامج والذي تطوع ولا يزال متطوعاً لأكثر من عام في البرنامج، لقد تطوعت في العلاقات العامة لانني احببت ان اتطوع في خدمة مجتمعي وجامعتي وأن احصل على شهادة خبرة تمكنني من تقوية سيرتي الذاتية. من خلال تطوعي، عملت في تغذية موقع زاجل بالمعلومات، واحببت روح العمل ضمن الفريق الواحد، كما أحببت مشاركتي في الجولات الميدانية مع الوفود الاجنبية.
هذا بالإضافة إلى المعرفة التي اكتسبتها والتي أتاحت لي الفرصة للتعرف على الكثير من العادات الاجتماعية والثقافية لكثير من الشعوب والثقافات الغربية، لأصبح بعد ذلك قادراً على فهم واستيعاب العقلية الغربية.
لقد استمتعت كثيراً بمشاركتي في الأعمال التطوعية التي قمنا بها، سواء في متنزه بلدية نابلس او البلدة القديمة. لقد كان للجولات الميدانية التي قمنا بها إلى مختلف مخيمات اللاجئين في مدينة نابلس أثراً كبيراً على نفسية المتطوعين الدوليين والمحليين.
كنت أظن أنني أدرك معاناتنا وما نعيشه من ظلم يومي، إلى أن قمت، ولأول مرة في حياتي، بزيارة مخيمات نابلس التي عشت بها عمري كله, عندها فقط أدركت أن ما نلاقيه من معاناة وظلم في المدينة لا يقارن مع ما يعيشه هؤلاء الناس من ضنك في وحداتهم السكنية المتواضعة والتي تفتقر إلى كل مقومات الحياة الطبيعية.
راودتني مشاعر الغبطة وأنا أشاهد هؤلاء المتطوعين الدوليين الذين لبوا دعوة برنامج زاجل وجاءوا من جميع أنحاء العالم للتضامن مع الشعب الفلسطيني، لقد عبروا الحدود بصعوبة وواجهوا المشاكل الكثيرة من سلطات الاحتلال الإسرائيلي التي بذلت جهدها من اجل عدم السماح لهم بزيارة الأراضي المحتلة.