انطباعات المتطوعين المحليين المشاركين في فعاليات المخيم الدولي لعام 2004
- فواز
العمل التطوعي، كلمتان تعنيان الكثير: الانتماء والعمل المتواصل، الالتزام المطلق والمصلحة العامة والوعي المتنامي، لكني أدرك الآن أن الوقت قد حان لوداع العديد من الأصدقاء الغربيين الذين حضروا بدافع المعرفة والتضامن معنا.
لا أستطيع وصف المشاعر التي رافقتني أثناء وبعد تنظيم فعاليات المخيم التطوعي الدولي لهذا الصيف، في كل مرة أتعرف على أصدقاء رائعين، متطوعون ممن قضيت معهم أوقاتاً جميلة وأوقاتاً صعبة أحياناً، حيث إنني اذكر الانطباع الأولي الذي تولد لدى الكثيرين منهم لحظة دخولهم لمدينة نابلس، حيث مروا في المعاناة التي جنوها كي يكونوا معنا في بداية نشاطنا التطوعي في مخيم عسكر للاجئين الفلسطينيين، كانت تلك التجربة الأولى للعديد منهم، حيث بدأت الأسئلة المحيرة تخطر على بال العديد منهم، لماذا ُمنعنا من الدخول بصورة طبيعية إلى المدينة كأي بلد طبيعي؟ الكثير من الأسئلة المحيرة التي كانت تداعب مخيلتهم والتي قمت بدوري بالإجابة عنها.
كان هذا المخيم الذي تم تنظيمه من قبل برنامج التبادل الشبابي الدولي (زاجل) من أهم الإنجازات على المستوى الفردي، وعلى المستوى الجماعي كجامعة وطنية، تحمل رسالة إلى العالم بأسره بأننا أناس نريد العيش بكرامة، أناس متحضرون، لنا تاريخ يشهد على عظمة هذا الشعب، شعب ناضل وضحى بالغالي والنفيس في سبيل حريته.
من الأمور التي وقعت لنا في أثناء هذا المخيم أننا اضطررنا في فترة من الفترات إلى المكوث في المدارس التي كان المتطوعين يبيتون فيها، وذلك بسبب الاجتياح المتكرر للمدينة، وخلال هذه الفترة تعرف المتطوعون الدوليون على الظروف الحقيقية التي يمر بها المواطنون الفلسطينيون تحت نظام منع التجول والاجتياح. تناقشنا أثناء تلك الأيام في العديد من المواضيع المثيرة للجدل كالصراع العربي الإسرائيلي والإسلام وغيرها من القضايا التي تهم الطلبة الفلسطينيين والغربيين.
- لطفي
هكذا مرت ثلاثة من أجمل أسابيع عمري، فترة تمنيت أن تطول لتصبح أطول، ولكن لكل شيء نهاية، تعلمت بها وصادقت وتحدثت واعتمدت على نفسي بها، في هذه الفترة تعلمت أموراً كثيرة عن وطني وعن أوطان المتطوعين الدوليين المشاركين في فعاليات المخيم التطوعي الدولي وثقافاتهم ورؤيتهم لمختلف الأمور السياسية والتاريخية والدينية.
في هذه الفترة، كسبت صداقات جيدة مع زملاء من مختلف البلدان الغربية، كان المخيم الصيفي فرصة للتحدث مع الآخرين والاستماع إلى وجهات نظرهم حول مختلف القضايا، كما كان فرصة لتوضيح وجهة نظرنا من الصراع الدائر في الشرق الأوسط، كانت فرصة للمتطوعين الدوليين ليعيشوا واقعنا اليومي ولو لفترة بسيطة، وليؤمنوا أن الشعب الفلسطيني شعب لا ينشد القتال والدمار، بل شعب يحب السلم.
كانت تجربة رائعة ومفيدة، اعتمدنا فيها على أنفسنا في جميع مناحي حياتنا اليومية لمدة ثلاثة أسابيع، زادت ثقتنا بأنفسنا، كانت فترة العمل التطوعي اليومي من أجمل فترات المخيم، كانت فرصة للتعامل مع الأطفال وإعطائهم الفرصة للتفريغ الانفعالي عن أنفسهم خاصة في ظل ظروف الكبت والفراغ، كما كانت فرصة لمعرفة مشاكلهم وأساليب تفكيرهم، أحببناهم وكسبنا محبتهم، وكسرنا الحواجز بيننا وبينهم، كما كسبنا صداقة متطوعي مركز التطوير المجتمعي في مخيم عسكر للاجئين الفلسطينيين، كانوا دوماًً أهلا للثقة.
أما علاقتنا نحن الزواجل ببعضنا البعض، فقد كانت شيئاً آخر، فرغم تعرفنا على بعضنا البعض مع بدء فعاليات المخيم التطوعي، إلا أننا أصبحنا زملاءً وأصدقاء، عشنا الظروف الصعبة سوية خاصة ثناء ما واجهناه من ظروف صعبة أثناء فرض نظام حظر التجول على المدينة، مرت أيام المخيم الصيفي سريعة، ورغم أنني لم أرغب أن ينتهي بهذه السرعة، إلا أنه انتهى، لكن الذكريات الجميلة لا تنتهي، وها أنا ذا بانتظار مخيم صيفي آخر، يقارب سابقه في الطموح والانجازات.
- حسام
زاجل … مجرد كلمة قرأتها في إعلان لمحته يوما على لوحة الحائط في كليتي، لم أعلم أنها ستصبح جزءً مهماً أعرف به شخصيتي التي أصبحت مختلفة عن سابقتها قبل التحاقي بالبرنامج، لقد شغل برنامج زاجل مساحة كبيرة في حياتي اليومية، ذكريات جميلة لن ُتمحى، ومبادئ ُجبلت عليها في مجتمعنا الصغير…زاجل.
عرفت معنىً جديداً لحب الوطن، وتراجعت لدي الاهتمامات الأنانية وحب الذات وذلك بعد تعرفي على معاناة الآخرين وتفهمها، كان الاختلاط بالمتطوعين الدوليين مفيداً جداً، حيث ساعدني على التعرف على الطريقة الفضلى لمخاطبة الغرب، تعلمت أن المواطن الغربي معذور في وجهة النظر التي يحملها عنا، إذ تمارس بعض وسائل الإعلام الغربية دوراً كبيراً في تشويه الصورة الخاصة بالشعب الفلسطيني.
أصبحت نشاطاتنا في برنامج زاجل جزءً من شخصيتي، شاركت في مختلف فعاليات المخيم التطوعي الدولي، لم أشعر بالملل أو التعب، انه نوع آخر من العمل المتميز بارتباطه بالمتعة والخبرة والمنفعة، حيث بذلت جهدي لإسماع الصوت الفلسطيني لهؤلاء الطلاب الغربيين الراغبين بالتعرف على الظروف المعيشية التي تمر بها الأراضي الفلسطينية، جاء هؤلاء الطلبة الغربيون لرؤية الحقيقة، ففتحنا لهم بيوتنا ومخيماتنا ومدننا، فعرفوا الحقيقة وعاشوها معنا، شعرت بالفخر وأنا أتحدث عن البلدة القديمة من نابلس والمعروفة بعراقتها وتاريخها وتراثها، كذلك شعرت بالحزن الشديد بينما كنا نستمع إلى إفادات الشهود العيان على نكبة عام 1948.
- ياسمين
قضيت وقتا رائعا في هذا المخيم وتعلمت أشياء جديدة، زرت أماكن لم أعتقد يوما أنني سأزورها، كما تعلمت الكثير من المتطوعين الدوليين، كل شيء كان رائعا، كنا كعائلة واحدة، أحببت جلسات الحوار والنقاش التي كان يتم تنسيقها بعد الغذاء، شارك كل فردٍ برأيه، وتبادل وجهات النظر مع أقرانه من أبناء الثقافات الأخرى، تعرفت قليلا إلى على الثقافة الأمريكية والبريطانية والايطالية وغيرها، علمتني هذه التجربة أهمية الصداقة التي أعتبرها أهم ما قد يحصل عليه المرء في حياته.
كان عملنا التطوعي في مخيم عسكر للاجئين الفلسطينيين من أجمل ما قمنا به في هذا المخيم التطوعي الدولي، أصبح لديّ أصدقاء ُكثر من الأطفال، كنا نشعر بالإرهاق من كثرة العمل مع الأطفال، لكن ابتسامتهم كانت كافية لتدفعني لنسيان التعب والإرهاق، كان لاستقبالهم لنا في الصباح الباكر في مدخل المخيم بهجة وفرحة كبيرة، ومحفزاً على بذل المزيد من الجهد، كان للعمل هناك نتائج مشجعة، استطعنا أن نبذل جهداً ضرورياً لتغيير نمط الحياة اليومية للأطفال، قمنا ببعض الفعاليات والنشاطات التي يحتاجها الأطفال، كان ذلك في زاوية الإرشاد التي كانت زاويتي المفضلة، بالإضافة إلى زوايا الموسيقى والرسم.