كتاب: الروايات الشفوية للشهود العيان على حرب عام 1948
إعداد: علاء أبو ضهير
أصدرت وحدة الإعلام (زاجل) التابعة لدائرة العلاقات العامة كتاب الروايات الشفوية للشهود العيان على حرب عام 1948 ويتضمن الكتاب المكون من 112 صفحة من القطع المتوسط مجموعة من الروايات لمجموعة من اللاجئين الفلسطينيين الذين تم تهجيرهم من مدنهم وقراهم أثناء حرب عام 1948 وما اصطلح على تسميته بالنكبة لاحقاً، وقد تم إعداد المقابلات من قبل فريق عمل من المتطوعين في دائرة العلاقات العامة وبرنامج زاجل اشرف عليهم الباحث علاء أبو ضهير الذي قال عن الكتاب وما يحتويه من روايات ومعان: تتحول الحياة الفلسطينية إلى مشروع للذكرى، كثيرة هي المواقع التي تم تدميرها خلال السنوات القليلة الماضية، والأكثر هو ذلك الدمار الذي لحق بشتى مرافق الحياة الفلسطينية التي أصبحت قاسية وغاية في الصعوبة، ومن أجل تحقيق فهم أفضل للحاضر، لا بد لنا من البحث في الماضي والاسترشاد بخبرة كبار السن ممن مرّوا بظروف صعبة اضطرتهم لمغادرة أوطانهم ومزارعهم وحقولهم ومدنهم وقراهم، وقد يكون لوجودهم الأثر الأكبر في تعزيز صمود الجيل الحالي الذي عاصر جزءاً من معاناة آبائه وأجداده بعد الرحيل الأول، حيث لم تقع نفس المأساة بعد احتلال كامل التراب الوطني الفلسطيني عام 1967 فصمد الفلسطينيون على ما تبقى من أرضهم ليبقوا على صدور الاحتلال كالجدار رافضين كل محاولات الطرد والترحيل، لقد كان لتجربة نكبة عام 1948 الأثر الأكبر في تنمية الوعي السياسي الفلسطيني حيث تمسك الفلسطينيون بأرضهم مستفيدين من عثرات وأخطاء الحرب الأولى.
كما دعا الباحث أبو ضهير إلى فتح ملف النكبة الفلسطينية مرة أخرى والى توعية الأجيال المقبلة بأهمية دراسة هذه الحقبة الحرجة من التاريخ الفلسطيني، تلك الحقبة التي بدأت بإصدار وعد بلفور ليتم تصعيدها بإصدار عصبة الأمم قرارها الشهير بتقسيم فلسطين يوم 29 تشرين الثاني لعام 1947 ولتندلع الاشتباكات على اثر ذلك القرار، والتي ترتب عليها تشريد ما يقارب المليون فلسطيني من أوطانهم ليهيموا على وجوههم في مخيمات الشتات في الضفة الغربية وقطاع غزة والأردن وسوريا ولبنان ولتتواصل مسيرة عذابهم إلى أن تشردوا في كافة بقاع العالم سواء في العالم العربي أو أوروبا أو الأمريكيتين، عاشوا ظروفاً غير إنسانية، سكنوا الخيام عدة سنوات، تحملوا البرد القارص والثلج المتراكم على خيامهم، عاشوا ظروفاً لا يمكن احتمالها منذ عام 1948 ولا زالت نكبتهم مستمرة حتى الآن.
تكمن أهمية هذا الكتاب في بعده التاريخي الذي يوثق لمرحلة مضى عليها قرابة الثمانية والخمسين عاماً، وهو أمر يحتاج إلى جهد كبير رافقته بعض المتاعب والمصاعب إذ كان بعض الرواة مترددين في إعطاء المعلومات المطلوبة سواء بسبب كبر سنهم أو بسبب مخاوف رافقتهم لدورهم في المقاومة والظروف القمعية التي عاشوها في ظل الحكم البريطاني الذي أجمع الرواة على مسئوليته التاريخية والسياسية والأخلاقية عما حل بهم من نكبة وتشرد واحتلال لوطنهم ومنحه لليهود المهاجرين، ويضيف أبو ضهير، لقد توفي بعض الرواة الذين قابلناهم بعد فترة وجيزة من إجراء المقابلة معهم وهو ما دفعنا للمثابرة على إنجاز هذه الروايات رغم المصاعب المتعددة ولإيماننا بأهمية إيصال الرواية الشفوية للقارئ. كما لا يجوز أن نغفل عن أن هذا المشروع لم يكن له أن يتم لولا الجهود المشكورة التي قام بها متطوعو دائرة العلاقات العامة ومتطوعو برنامج التبادل الشبابي الدولي (زاجل) التابع للدائرة والأخوة في مركز التطوير المجتمعي في مخيم عسكر الجديد الذين ساعدوا في تنسيق المقابلات مع الرواة.
واختتم الكتاب بمجموعة من التوصيات أهما:
– إقرار تدريس مادة التاريخ الشفوي في الجامعات الفلسطينية كموضوع خاصة للطلبة بشكل عام وليس فقط طلاب أقسام التاريخ والعلوم السياسية.
– ترجمة الروايات الشفوية إلى اللغة الإنجليزية لإيصال الرسالة الفلسطينية إلى العالم الخارجي.
– إجراء المزيد من المقابلات مع الرواة وبأسرع وقت ممكن للاستفادة من وجود من لا يزال منهم على قيد الحياة مع الإشارة إلى أن موضوع الرحيل والتشرد موضوع هام جداً في التاريخ الإنساني ومن حق وواجب المجتمعات الأخرى أن تعرف عن قضيتنا كما تعرف عن تشرد وطرد الشعبين الارمني واليهودي.
– بث وإذاعة الروايات الشفوية كما هي مكتوبة باللهجة العامية عبر أثير المحطات التلفزيونية والإذاعية المحلية.
– التركيز على هذا المفصل التاريخي من تاريخ الشعب الفلسطيني في أي عملية تفاوضية وذلك لوضع الأمور في نصابها إذ أن النكبة الفلسطينية هي العنوان الحقيقي للقضية الفلسطينية كما أن قضية اللاجئين يجب أن تبقى قضيةً حيةً لا تسقط بمرور الزمن، ويفرض ذلك علينا مسؤولية كبيرة في إثارتها في مختلف المحافل السياسية والدبلوماسية والإعلامية.
– إنتاج أعمال تلفزيونية ووثائقية مترجمه عن النكبة وذلك لإثارة القضية أمام الرأي العالمي لتحقيق تفهّم أفضل لدى هذا الجمهور لجوهر القضية الفلسطينية والصراع في الشرق الأوسط.
– لا بد من مطالبة الحكومة البريطانية بالاعتذار رسمياً للشعب الفلسطيني عن المآسي التي ارتكبت خلال فترة الانتداب البريطاني على فلسطين واتخاذ كافة الإجراءات العملية المرافقة لهذا الاعتذار الذي نجم عنه تشريد ثلثي الشعب الفلسطيني وإحلال شعب آخر مكانه، بالإضافة إلى ضرورة الضغط على مؤسسات المجتمع المدني البريطانية لبذل المزيد من الجهود لتعويض الشعب الفلسطيني عن الظلم التاريخي الذي لحق به جراء السياسة البريطانية المنحازة. لا بد من تحميل المجتمع الدولي بشكل عام والحكومات البريطانية مسؤولية ما حدث ويحدث في فلسطين منذ دخول القوات البريطانية الأراضي الفلسطينية عام 1917 وحتى آخر جريمة تم ارتكابها على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي، يجب على الأجيال البريطانية المتعاقبة أن تعرف أن ما يقع الآن في فلسطين من أحداث مأساوية هو نتيجة للظلم الذي لحق بالشعب الفلسطيني والمتمثل باقتطاع الجزء الأكبر من أرضه ومنحه لليهود المهاجرين من أوروبا بسبب التمييز العنصري ضدهم وممارسة كافة أشكال العداء للسامية ضد اليهود في أوروبا، لم يقترف الفلسطينيون أي جريمة ضد اليهود في القرون الماضية ليقوموا بالتعويض عنها ويتحمل الأوروبيون مسؤولية عدائهم لليهود وكان الأحرى بهم حل المشكلة اليهودية على حساب الشعوب الألمانية والبريطانية وليس على حساب الشعب الفلسطيني الذي لا ناقة له ولا بعير في هذا العداء وهذه الكراهية الأوروبية لليهود.