تعلمت من السفر كيف أخطط لحياتي
مجد جاموس
خلال زيارتنا الثقافية لايطاليا والتي نظمتها دائرة العلاقات العامة بالجامعة تعرفت على الكثير من المواقع التي لفتت نظري باهتمام شديد كالمسرح الروماني المسمى بالكولوسيوم والذي شاهدت فيه معالم الحضارة الرومانية والبناء العظيم بالاضافة الى أنني شعرت وكأنني أعيش في ذلك العصر القديم الذي كانت تتم فيه المنافسة بين المصارعين داخل ذلك المكان والذي سيطرت عليه ثقافة البقاء للاقوى. أما الفاتيكان وما يحويه من آثار وخرائط ورسومات فقد استحوذ على اهتمامنا ناهيك عن المبنى الضخم الذي جعلني أتأمل كيفية بنائه وتمتعه بالدقة العالية في الرسومات والمنحوتات والمباني. فمتحف الفاتيكان ثقافة وحضارة بحد ذاته بما يحوي في داخله من معلومات وصور ورسومات وآثار. وكذلك الأمر في دار الاوبرا التي ساعدتني زيارتها على التعرف على دور هذه المسارح في صناعة الثقافة وكيفية انشاء الدار واهمية الموسيقى لدى الغرب والتي كانت وما زالت جزء هاماً من الثقافة الايطالية بالاضافة الى القلاع العسكرية والمتاحف والقصر الملكي في نابولي كلها كانت كفيلة لتأخذني لتذكر كل ما درسته في المناهج الدراسية.
تعلمت خلال الرحلة الكثير من الامور ذات الصلة بنظم السفر كالبحث عن موقع شركة الطيران التي حجزت بها وانتظار دوري والصعود للطائرة والجلوس على المقعد المخصص لي. كانت تجربة رائعة تجعلنا نستطيع الاعتماد على أنفسنا أكثر حيث استطعنا فهم الامور الخاصة بالطيران بتفاصيلها. وكذلك الأمر عند استخدام القطارات ومحطات القطارات وحجز التذاكر الكترونيا حيث كانت تجربة السفر بالقطارات أول تجربة لي مع وسائل المواصلات تلك والتي تعلمت فيها كيفية حجز التذكرة الكترونيا ومعرفة المحطة التي سأنزل بها وكذلك معرفة البوابة ورقم القطار والقاطرة ورقم ومكان المقعد.
لاحظت على نظام السير (السيارات، القطارات، الباصات السياحية والسفن) في ايطاليا انه نظام رائع وراق وسريع يخفف الازمات بالاضافة الى ان المواصلات هي جزء هام من ثقافتهم حيث يسيطر احترام الوقت على المشهد اليومي للحياة اليومية وذلك باحترام المواعيد قدر الامكان واحترام قوانين السير.
خلال تجوالي في شوارع ايطاليا شعرت بانبهار كبير لما اشاهده بعيني فنافورة تريفي التي كنا نسمع عنها تستقطب عشرات الالاف لزيارتها يومياً. بعد وصولنا اليها ادركنا كم يستثمر الاوروبيون في السياحة وكذلك الامر عند زيارة متحف ليوناردو دافنشي، هذا العالم المميز الذي اخترع عشرات الاختراعات ولا زالت البشرية تستفيد منها حتى الآن. لقد اهتممت بتوثيق كل شيء رايته في متحف ليناردو دافنشي وكأنني بمشاهدة كل شي في هذا المتحف اصبحت قادرة على أن اعيش تلك الفترة من حياته وفهم كل شيء كان يدور بمخيلته في ذلك الزمان.
كانت مدينة فلورنسا من المدن التي تمنيت لو مكثت بها أكثر لأنني احببتها كثيراً نظراً لتاريخها العريق وبناياتها الشاهقة بالاضافة الى ركوب دراجة السييجوي والتجوال بها في أرجاء المدينة وصولاً الى نهر آرنو ذلك المنظر الذي لا يوصف بهدوء مائه ليلا وانعكاس المباني والاضواء عليه وكأنه مرآة بل لوحة فنية بكل معنى الكلمة.
أما في مدينة فينيسيا فشعرت أن الزوار يرتادونها للراحة النفسية حيث تتمتع المدينة بمعالم غريبة جداً فالعيش فيها تجربة مميزة باعتبارها مدينة مائية ذات جزر رائعة فمثلا جزيرة بورانو كانت كاللوحة المطلية بالالوان أما جزيرة تورشيلو فهي جزيرة رائعة من حيث الهدوء والسكينة النفسية.
لاحظت على السواح اهتمامهم بفهم كل ما يجري حولهم بالاضافة الى محبتهم لغيرهم وتقبلهم لكل ما هو مختلف عنهم من ثقافات وعادات وتقاليد. استفدت كثيراً من التواصل مع الطلبة الايطاليين على الصعيد الاجتماعي حيث اصبح لي أصدقاء في ايطاليا اذ كنا نتعرف على ثقافتهم من خلال الحوار معهم.
أثر بي الجلوس على ضفة نهر التيبر في روما اذ عرفني أين أنا وماذا اريد من هذه الحياة. وقام النهر بدور المحفز على العصف الذهني كي أفكر ملياً بماذا أريد أن أصبح عليه وما ارغب بتحقيقه من مشاريع في حياتي والعمل عليها. هي لحظة تأمل تعرفك أين أنت وماذا تريد ومن تكون عليه.
وجدت في ايطاليا ما لم اره في الدول العربية وهو عدم التدخل في شؤون الآخرين. إن كل شخص يعيش لنفسه ولا يهتم بمن حوله وكذلك ثقافة تقبل الآخر واحترام النظافة والقوانين. يعيش الفرد هناك حياته كما هو مفترض به أن يعيشها اما نحن فنفتقد لثقافة تقبل الغير واحترام الانسان والقوانين والنظافة. نحن على قيد الحياة ولكننا بعيدون عن ثقافتها.
عرفتني الرحلة على ماذا يجب علي أن اكون عليه وماذا اريد من هذه الحياة. عدت الى بلدي وانا اريد ان اطور من ذاتي اكثر واكثر. عدت بعقلية غير تلك التي سافرت بها حيث أصبحت اهتماماتي أكبر وأصبحت أكثر وعياً.