العلاقات العامة نافذتي على العالم
رمسيس حجازي
تحرير: دائرة العلاقات العامة
بعد انتهائي من تقديم امتحانات الثانوية العامة وحصولي على معدل جيد جداً والتحاقي بتخصص علم الحاسوب في كلية تكنولوجيا المعلومات بالجامعة بسبب حبي لما يتعلق بأجهزة الحاسوب، ونظراً لانتمائي لأسرة فقيرة الحال تسكن مخيم بلاطة للاجئين قرب مدينة نابلس فقد عانيت من عدم القدرة على دفع القسط الفصلي للجامعة فلم يكن دفع القسط بالأمر اليسير، حيث واجهتني تحديات جمة عند بدء كل فصل دراسي إذ اعتدت على دفع الحد الادنى للساعات الدراسية المطلوبة ألا وهو 12 ساعة دراسية فقط، هذا فضلا عن تزايد أوقات الفراغ في جدول حياتي اليومية.
ظننت أن هذه هي المشكلة الوحيدة التي ستواجهني خلال مسيرتي الجامعية ليتبين لي لاحقاً أنها مجرد تحد ضمن سلسلة التحديات التي يتوجب علي مواجهتها لصقل تجربتي ومهاراتي.
كنت أقضي الوقت مع أصدقائي ولكن بعد أن شعرت بفجوة بيني وبين الطلبة الذين لم يكونوا على دراية كافية بطبيعة المصاعب التي أواجهها في حياتي، لذلك بدأت بالابتعاد تدريجياً عن قضاء وقت الفراغ معهم وبحثت عن موقع آخر يشغل وقتي ولم أعلم حينها أنني سأجد ما سيغير مسار حياتي نحو الافضل.
بحثت عن فرص تدريبية مجانية بعيدة عن معاهد القطاع الخاص، فقرأت إعلانا عن ورش عمل في مجال اللغة الانجليزية وفن الخطابة أمام الجمهور والتي نظمها برنامج تبادل شبابي دولي يسمى “زاجل”، لم أسمع عن هذا البرنامج من قبل، أرسلت طلباً للمشاركة، وبعد فترة وصلتني رسالة لتحديد موعد لتحديد الدورات التي تتناسب مع احتياجاتي حيث تم تحديد مستوى لغتي الانجليزية، فقابلني شاب ياباني يدعى “يوكي” من دائرة العلاقات العامة بالجامعة، كان شاباً هادئا ولطيفاً، كانت تلك أول مرة أتعامل بها مع شخص من خلفية ثقافية مختلفة عن ثقافتي ولغتي وسارت المقابلة بشكل مشجع.
في اليوم الاول للورشة تعرفت على المدرب الاجنبي الذي سيدربنا، وفوجئت بأن المترجم زميل قديم لي من أيام المدرسة. وبعد انتهاء الورشة سألته عن امكانية الانضمام لبرنامج زاجل فساعدني في الامر حيث ذهبنا لمقابلة “يوكي”، تعجبت لشكره الشديد لي بأنني كما قال “مستعد لاستثمار بعض وقتي للتطوع والتعلم”، ومنذ ذلك الحين بدأت بالتدرب والتطوع في برنامج زاجل.
بدأت بالتطوع في استقبال الوفود الاجنبية والتطوع مع المدربين الدوليين وممارسة اللغات المختلفة والتعرف على الثقافات والأفكار المتنوعة، كان ذلك نقلة نوعية من بيئة المخيم الى بيئة منفتحة على العالم. لم يتأخر يوكي عن تقديم الدعم والمساعدة والنصح والإرشاد الامر الذي مهد لي الطريق في هذه الحياة.
وبعد سنتين تم منع “يوكي” من دخول فلسطين لمدة 10 سنوات إلا أنه ما زال يساعدنا ويدعمنا من الخارج منتظراً بفارغ الصبر انقضاء السنين العشر ليتمكن من العودة الى الجامعة إذ لا زال محتفظاً بمفاتيح شقته في نابلس حاله كحال أي لاجئي عن هذا الوطن ينتظر لحظة العودة.
أتاح لي برنامج “زاجل” نوافذ كثيرة للتطوع وتنمية مهاراتي ليس فقط في الجامعة بل وخارجها أيضاً بالإضافة الى مشاركتي بالمؤتمرات والمخيمات الدولية والمشاريع المناسبة لتنمية قدراتي الخطابية والقيادية والفكرية والمعلوماتية حيث أصبحت عضواً فاعلاً في مجتمعي.
أرشدني برنامج “زاجل” الى المؤسسات المختلفة التي ستساعدني على تمثيل وطني في مختلف البلدان معززاً بالثقة بقدراتي وذلك بفضل المهارات التي اكتسبتها والتدريب الذي خضعت له خلال تطوعي في برنامج “زاجل”، وأنا واثق كل الثقة بأن حياتي العملية بعد الجامعة ستكون أفضل بكثير بسبب استعدادي لها بالشكل الكافي.