أصدرت دار الرعاة للنشر والتوزيع كتاباً بعنوان (من يوميات إضراب عام 1936: جولة في أرشيف صحيفة فلسطين اليافية) للباحث علاء أبو ضهير، وتقديم وإشراف الدكتورة نهى خلف، الباحثة الزائرة بمركز دراسات الشرق الاوسط بجامعة كولومبيا، وصدر الكتاب بستمائة صفحة من القطع الكبير، وتضمن عرضاً وصفياً لمجموعة من الاخبار والمقالات الصحفية التي تم نشرها في صحيفة فلسطين أُثناء إضراب عام 1936، وإنعكاس هذا الاضراب على الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية في فلسطين.
سعى الباحث أبو ضهير من خلال هذه البحث الى تطوير فهرس تاريخي لتغطية صحيفة فلسطين لإضراب عام 1936 وتسليط الضوء على أهم الملامح والأحداث التي ركزت الصحيفة عليها وذلك من خلال عرض قصاصات مصورة من صحيفة فلسطين والتي تم تصنيفها ضمن أربعة أقسام، السياسي والامني والاجتماعي والتضامني، والتي إحتوت على سلسلة مميزة من المواد الصحفية التي تساهم بايصال صورة عن أجواء إضراب عام 1936 والمناخ الذي عاشته فلسطين تلك الاثناء، كما تضمن الكتاب ملحقان للتعريف بالاجواء السياسية والتاريخية والصحفية التي سبقت إضراب عام 1936 ومهدت له.

سعى الباحث أبو ضهير من خلال هذه الفهرسة التاريخية الى التعريف بمجالات متعددة من عمل صحيفة فلسطين التي تم تأسيسها عام 1911، كالتعرف على إتجاهاتها وآرائها، وما تؤديه من وظائف تحقيقاً لأهدافها المتمثلة بالتوعية وتهيئة الرأي العام الفلسطيني للظروف اللاحقة، بالاضافة الى التعرف على الأفكار والقيم السائدة، وافتراض ما يمكن أن يفعله الجمهور الفلسطيني في النوائب، والكشف عن إتجاهات الأفراد والجماعات تجاه قضايا الاضراب والثورة. كما تم خلال فصول البحث تحليل مضمون المواد المنشورة في الصحيفة والتعرف على مدى تطبيقها للأعراف الصحفية والمعايير والأسس الإعلامية والفنية.

وعن صدور الكتاب، يقول الباحث أبو ضهير: (لقد حاولنا تقديم صورة دقيقة عن الجهد الصحفي الذي قدمته صحيفة فلسطين في حقبة زمنية عصيبة من التاريخ الفلسطيني الحديث، وهي فرصة لإعادة تقييم تجربة إضراب عام 1936 من أجل تحقيق فهم أفضل للمشهد الفلسطيني المعاصر، إذ لا بد من إعادة فتح ملف الاضراب، ومعرفة أسباب إعلانه، وأسباب وقفه، والضمانات والوعود العربية التي تم تقديمها لوقف الإضراب ومدى التزام سلطة الانتداب والحركة الصهيونية بما تم التفاهم عليه من أجل وقفه، وتحليل دور الراعي العربي بهذا الشأن، ودوره، وطبيعة علاقاته بسلطة الانتداب، خاصة إذا أردنا فهم الحاضر والتحديات المعاصرة التي تواجهها القضية الفلسطينية، كي لا يكرر التاريخ نفسه).

لقد أبرزت فصول الكتاب دفاع الصحيفة عن جوهر القضية الفلسطينية وتهيئة الرأي العام الفلسطيني للاستمرار بالاضراب، ومقارعة القيادة الفلسطينية. كما التزمت سياسة الصحيفة التحريرية بإبراز الجهود الاجتماعية المبذولة في سبيل التخفيف من أثر الاضراب على فئات المجتمع المختلفة، فكانت الصحيفة أكثر قرباً لمعاناة المواطنين وظروفهم. فلعبت دور الحارس الأمين على المصالح الوطنية، والعين اليقظة على ما يتعرض له المجتمع الفلسطيني من مخاطر. كما تجنبت الصحيفة تنميق وتمجيد إنجازات اللجنة العربية العليا واللجان القومية بمقدار ما قامت بتوثيق الجهود دون محاباة أو مراءاة، وهو ما أكسبها ثقة القراء، فلم تكن معبرة لا عن رأي سلطة الانتداب ولا عن رأي اللجنة العربية العليا.

هذا وقد تزامن إعداد هذا العمل مع الاحتفال بالذكرى المئوية لتأسيس صحيفة فلسطين عام 1911 والذي تم تنظيمه خلال مؤتمر “الذكرى المئوية لصدور صحيفة فلسطين” والذي تم عقده بمدينة عمان بشهر حزيران 2011، ونظمه مركز دراسات الشرق الاوسط في جامعة كولومبيا.