المخيمات التطوعية

الأهداف والطموحات

يهدف برنامج زاجل للتبادل الشبابي الدولي من وراء تنظيم هذه المخيمات التطوعية الدولية إلى تعريف طلبة الجامعات الغربية بطبيعة الحياة في الأراضي الفلسطينية تحت الاحتلال الإسرائيلي وفي ظل الحصار الذي يفرضه هذا الاحتلال، والإجراءات والجرائم التي يرتكبها الاحتلال بحق أبناء شعبنا، ويهدف البرنامج كذلك إلى العمل على إزالة التشويه الذي لحق بالقضية الفلسطينية نتيجة للدعاية الإعلامية الإسرائيلية التي حولت قضية نضال هذا الشعب من قضية عادلة تطمح للحرية والاستقلال إلى قضية “مكافحة الإرهاب” بعد أن نجحت إلى حد بعيد في إقامة صلات إعلامية وهمية بين الانتفاضة الفلسطينية وأحداث الحادي عشر من سبتمبر، من هنا برزت أهمية هذا البرنامج الطموح الذي يسعى من خلال هذه المخيمات وغيرها من البرامج الإعلامية المتنوعة إلى تغيير الأحكام المسبقة والصور القبلية المشوهة عن الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة ونضاله من أجل التخلص من الاحتلال الجاثم على أرضه.


وبذلك يهدف برنامج زاجل إلى تأهيل مجموعات من المثقفين الغربيين للدفاع عن القضية الفلسطينية إعلامياً بعد الانتهاء من مشاركتهم في فعاليات المخيمات الدولية المذكورة، حيث يمتلك هؤلاء المتطوعون الخبرة الكافية لتفهّم ثقافة مجتمعاتهم ولغاتها، الأمر الذي يسهل علينا مهمة توجيه الرسالة الإعلامية الفلسطينية ومخاطبة الرأي العام العالمي بسهولة ويسر، خاصة وأن متطوعي هذه المجتمعات الدولية أنفسهم هم الذين يتولون مخاطبة أبناء جلدتهم سواء من خلال المقابلة التلفزيونية أو الإذاعية أو كتابة المقالة أو تقديم المحاضرة في جامعاتهم أو تنظيم معرض للصور يتحدث عن تجربتهم في الأراضي الفلسطينية المحتلة أثناء مشاركتهم في فعاليات المخيمات المذكورة.

هذا بالإضافة إلى الفائدة الناتجة عن التبادل الثقافي والعلمي بين هؤلاء المتطوعين الدوليين وطلبة الجامعة، والذين استفادوا من مشاركتهم في فعاليات المخيمات التطوعية، وذلك من خلال الحوار الثقافي والحضاري القائم بين هاتين المجموعتين الثقافيتين، بالإضافة إلى الحوار الثقافي بين المتطوعين الدوليين أنفسهم والذين يمثلون بلداناً مختلفة الثقافة والهوية، حيث شارك في المخيمين المذكورين ستون متطوع ينتمون إلى الولايات المتحدة الأمريكية، بريطانيا، فرنسا، بلجيكا، إسبانيا، ألمانيا، إيطاليا، كوريا، اليابان، نيوزيلندا وكندا.

وتعتبر مسألة تبادل الخبرات ذات أهمية كبيرة لما لهذه التجربة من أثر إيجابي على طلبتنا الذين شاركوا في مختلف فعاليات المخيمات، بالإضافة إلى التعرف على روح العمل الجماعي والقيادة الجماعية داخل المخيم، تلك التجربة التي لا يدرك أهميتها إلا من مرّ بتجربة مشابهة تنصهر فيها الخبرات لما فيه المصلحة العامة. فضلاً عن مشاركة هؤلاء المتطوعين الدوليين في برنامج تعلم اللغة العربية.

كما أن تعزيز القيم التطوعية عند طلبة جامعتنا المشاركين في هذه المخيمات يعتبر من الأهداف الرئيسية التي تسعى الجامعة إلى تحقيقها من خلال غرس هذه القيم  في نفوس الطلبة إلى جانب تحصيلهم العلمي.

عمل المتطوعون في مخيم شهر تموز في البلدة القديمة من نابلس ومنتزه جمال عبد الناصر البلدي، وذلك طيلة فترة الأسابيع الثلاثة الأخيرة من شهر تموز، حيث قاموا بأعمال ُتظهر التعاطف والتأييد للسكان الفلسطينيين الذين عانوا الكثير من سلسلة الاجتياحات الإسرائيلية للبلدة القديمة، وتوزعت هذه الأعمال التطوعية التي نظمها برنامج تأهيل المسكن التابع لمركز الخدمة المجتمعية على جمع الركام والأتربة الناجمة عن التدمير الإسرائيلي لبيوت البلدة القديمة، والمساعدة في بعض أعمال البناء. كما استمر العمل التطوعي في بعض المناطق في متنزه جمال عيد الناصر البلدي، والذي عانى من العزلة بسبب سياسة فرض نظام حظر التجول على المدينة لأشهر متواصلة، الأمر الذي حرم سكان المدينة، وأطفالها تحديداً، من التمتع بهذا المتنفس الجميل، وبعد ذلك باشر المتطوعون بعمل الترتيبات اللازمة لمهرجان ترفيهي مجاني للأطفال على مدرج المتنزه المذكور وذلك بالتعاون مع مركز الخدمة المجتمعة، حيث ُقدمت العروض الترفيهية للأطفال والتي  هدفت إلى تشجيعهم على التفريغ الانفعالي والنفسي من خلال اللعب والضحك والرقص وغيرها من الفعاليات التي أحيتها مشكورة فرقة “سبيس توون” للأطفال وبمشاركة المتطوعين الدوليين.

كما عمل المتطوعون الدوليون في المخيم الثاني إلى جانب المتطوعين المحليين في العديد من المشاريع  التي ينظمها مركز التطوير المجتمعي في مخيم عسكر للاجئين الفلسطينيين، حيث قاموا بتنظيم العديد من الفعاليات الخاصة بالتفريغ الانفعالي، والنشاطات التعليمية والتثقيفية والترفيهية لأطفال المخيم.


الفعاليات والأنشطة الاجتماعية والثقافية

ومن الأنشطة الثقافية التي شارك فيها المتطوعون الدوليون ورشة عمل حول تاريخ فلسطين منذ توقيع اتفاقية سايكس بيكو وحتى انتفاضة الأقصى الحالية، قدمها منسق البرنامج علاء أبو ضهير والذي عرض التفاصيل التاريخية للمرافق الرئيسية التي مرت بها القضية الفلسطينية خاصة حرب عام 1948، وحرب عام 1967 بالإضافة إلى حرب أكتوبر وغيرها من المنعطفات التاريخية المهمة التي لا تزال ُتلقي بظلالها على القضية الفلسطينية حتى الآن، وقد ُعقدت هذه الورشة على أكثر من جلسة وذلك لإشباع الموضوع خاصة وأنه كثير التشعب ومتنوع التفاصيل.

كما شارك متطوعو المخيم في لقاء مع  الأب يوسف سعادة، راعي كنيسة الروم الكاثوليك، والذي تحدث عن التسامح الديني بين الطوائف الدينية في الأراضي الفلسطينية، وأكد على حق الشعب الفلسطيني في الحصول على حريته واستقلاله كباقي شعوب العالم، وذلك خلال محاضرة دينية وسياسة، أعرب فيها عن ضرورة تحقيق العدل في هذه المعادلة الظالمة التي لا تسمح للفلسطيني بحرية الحركة والتنقل في بلاده، بينما ُتتاح هذه الحرية للغرباء من كل جنس، وشرح الأب سعادة فكرة السلام القائم على العدل وليس على الظلم والعدوان، وأكّد على حق الشعب الفلسطيني في المقاومة.

وقام المتطوعون بجولة في البلدة القديمة من نابلس، والتقوا بالشهود العيان على الاعتداءات الإسرائيلية على التراث الحضاري للبلدة القديمة، تلك الشواهد التراثية الإنسانية التي ُبنيت قبل مئات الأعوام، كما التقى المتطوعون الدوليون العائلات التي تعرضت للاستغلال كدروع بشريه واستمعوا لشرح مفصل عن ظروف   الاعتقال التي يمارسها جنود الاحتلال أثناء الاجتياحات المتكررة للبلدة القديمة،  وقام المتطوعون بزيارة مشابهة لمخيمات اللاجئين في عسكر وبلاطة والعين، حيث تعرفوا إلى هموم اللاجئين من أبناء هذه المخيمات، واستمعوا إلى قصصهم المثيرة حول الترحيل والأرض والوطن، وذلك من خلال مقابلة كبار السن الذين ولدوا في مدن يافا وحيفا والقرى الفلسطينية المهجرة بالإضافة إلى معاناتهم من الاجتياحات المتلاحقة التي تقوم بها قوات الاحتلال.

وزار الوفد جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في نابلس، حيث التقى المتطوعون الدوليون بمتطوعي الهلال الأحمر الذين شاركوا في إنقاذ الجرحى وإخلائهم من البلدة القديمة في نابلس أثناء الاجتياح الإسرائيلي للمدينة في نيسان 2002، واستمعوا كذلك إلى شرح مفصل للظروف والتجارب التي مر بها المتطوعون الفلسطينيون في تلك الفترة والانتهاكات الإسرائيلية لحقوقهم، وإعاقة مهماتهم الإنسانية من قبل قوات الاحتلال والتي شملت تهديد حياتهم. وقد تعرف المتطوعون الدوليون على برامج الهلال الأحمر الفلسطيني ومشاريعه المختلفة، وأبدوا إعجابهم بالمستوى الرفيع الذي وصلت إليه الجمعية ومستوى الخدمات التي تقدمها للمجتمع الفلسطيني.

كما زار الوفد مبنى المقاطعة في مدينة نابلس الذي دمرته سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضمن سلسلة اعتداءاتها على المؤسسات الوطنية الفلسطينية، وقد قدمت السيدة سهير فريتخ مسئولة العلاقات الدولية في محافظة نابلس شرحاً مفصلاً للاعتداءات الإسرائيلية على المحافظة مشيرة إلى تعرض مبنى المحافظة إلى عدة هجمات متتالية أدّت في النهاية إلى تدميره، الأمر الذي فرض على المحافظة الانتقال إلى مواقع بديلة لا تلبي احتياجاتها، وبالتالي إلى عدم قدرتها على القيام بمهامها بالشكل الذي تطمح إليه.

وأقام برنامج زاجل وعلى هامش المخيم التطوعي الدولي ورشة عمل مقارنة بين الصراع الطائفي في ايرلندا الشمالية وصراع الشرق الأوسط، حيث قدّم متطوعون بريطانيون عرضاً مفصلاً للتطورات التاريخية التي مر بها الصراع في أيرلندا الشمالية أمام مجموعة من المتطوعين الدوليين من مختلف بلدان العالم،  بالإضافة إلى مشاركة المتطوعين المحليين الذين عرضوا وجهة النظر الفلسطينية من الصراع العربي الإسرائيلي. وعرض كل من الطرفين وجهة نظره حول الواقع الذي يعيشه شعبه وحقه في تقرير المصير والاستقلال، كما ناقش  المتطوعون مسألة العنف والإرهاب والنضال المشروع من أجل الاستقلال.

كما نظم البرنامج محاضرة حول خارطة الطريق وذلك بحضور المتطوعين الدوليين الملتحقين بالمخيم التطوعي الدولي الثاني، حاضر فيها الدكتور عبد الستار قاسم المحاضر في كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية في جامعة النجاح الوطنية، وقد ركز اللقاء حول خارطة الطريق والتهرب الإسرائيلي من تطبيقها بالإضافة إلى استعراض شامل للمراحل التاريخية التي مرت بها المسيرة السلمية منذ مؤتمر مدريد وحتى الآن، ودار الحوار حول أساليب الخروج من الوضع الراهن.

كما ُعقدت ورشة عمل حول المنظور الغربي للإسلام وصراع الحضارات، ودار الحوار الذي اشرف عليه الدكتور ناصر الدين الشاعر عميد كلية الشريعة والسيدة سناء الدباغ منسقة برنامج “زيارة” من بريطانيا حول مفهوم الإرهاب ودور الإعلام الغربي في تشويه صورة المقاومة الفلسطينية وربطها بالإرهاب، حيث قدم الدكتور الشاعر تعريفاً موجزاً بالمبادئ الإسلامية، وناقش مصادر ما يسمى ب ” الخوف من الإسلام” لدى الغرب والصورة المسبقة الناتجة عن التشويه المتعدد الأنماط لصورة الإسلام في الغرب وارتباط ذلك بالسياسة الرسمية للحكومات الغربية، وركّز على التمييز بين الحكومات الغربية والشعوب الغربية. وأوضح الدكتور الشاعر أهمية الحوار الثقافي بين شعوب العالم مؤكداً أن الإسلام دين السلام ودين الحوار بين الحضارات داعياً إلى المزيد من الحوار بين الحضارات بدلاً من الصراع الذي تقوم الولايات المتحدة بتسويقه.

كما التقى المتطوعون محافظ نابلس العميد محمود العالول، الذي استعرض الظروف التي مرت وتمر بها محافظة نابلس نتيجةً للحصار الإسرائيلي المشدد والمفروض عليها منذ قرابة الثلاث سنوات وأثر ذلك على الاقتصاد الفلسطيني والبطالة في المدينة، كما تحدث عن التدمير الذي ألحقته سلطات الاحتلال بمبنى المحافظة، ثم أجاب المحافظ عن أسئلة المتطوعين الدوليين المتعلقة بالتطورات السياسة التي تمر بها المنطقة.

كما نظم البرنامج لقاءً وداعياً للمتطوعة الفرنسية كلود ليوستيك، حيث أصدرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي قراراً بإبعاد السيدة ليوستيك البالغة من العمر 48 عاماً بعد عامين من التطوع والعمل في العديد من المؤسسات الفلسطينية ومن ضمنها قسم اللغة الفرنسية في جامعة النجاح الوطنية. ويذكر أن السيدة ليوستيك كانت قد تطوعت لحماية السيد الرئيس ياسر عرفات مع بدء الاعتداءات الإسرائيلية على مقر المقاطعة في نيسان/ابريل 2002، وبقيت في مقر الرئاسة حتى توقف العدوان طيلة خمسة وثلاثين يوماً، كما يشهد لها كل من عرفها بنضالها الدءوب من أجل حرية الشعب الفلسطيني.

وألقت السيدة كلود ليوستيك كلمة أمام متطوعي المخيم الدولي الأول، شجعتهم فيها على نقل الحقيقة إلى بلدانهم، وعلى بذل قصارى جهدهم لفضح الاحتلال الذي لا يكف عن قتل الفلسطينيين، كما أشارت إلى أهمية تواجد هؤلاء المتطوعين الدوليين في الأراضي الفلسطينية كجزء من الجهود الدولية الشعبية لمراقبة الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الفلسطينيين والاستفادة من الخبرة التي حصلوا عليها من أجل إزالة التشويه الذي يلحقه الإعلام الإسرائيلي بالقضية الفلسطينية.

ومن الفعاليات الأخرى التي أقيمت على هامش المخيمات التطوعية، مباريات ودّية بين المتطوعين الدوليين والمحليين في كرة القدم على ارض ملعب الجامعة، حيث تميز المتطوعون الألمان والطليان بتقديم عروض رياضية شيقة.

وفي ختام فعاليات المخيمين التطوعيين الدوليين، التقى المتطوعون الدوليون مع سيادة الرئيس ياسر عرفات في مقره المحاصر في مدينة رام الله، حيث عبروا له عن تضامنهم مع سيادته، ورفضهم للحصار المفروض عليه.

ويأتي تنظيم هذه المخيمات الدولية ضمن سياسة الجامعة القائمة على استضافة الوفود الدولية الراغبة بالتعرف على القضية الفلسطينية والظروف التي يمر بها الشعب الفلسطيني والراغبة كذلك في تقديم المساعدة للمجتمع الفلسطيني للتغلب على الظروف الصعبة التي يعيشها نتيجة للحصار المفروض على مدنه وقراه ومخيماته وإظهار التضامن مع قضيته العادلة .

وفي ختام فعاليات كل من المخيمين التطوعيين الدوليين، قامت دائرة العلاقات العامة بتكريم المتطوعين الدوليين المشاركين تقديراً لجهودهم وتثميناً لمبادرتهم الشجاعة بزيارة الأراضي الفلسطينية في ظروف صعبة، وذلك لإيمانهم الشديد بأهمية بذل المزيد من الجهود الإعلامية لتوضيح وشرح الظروف التي يمر بها الشعب الفلسطيني، كما تم تكريم المتطوعين المحليين الذين شاركوا في المخيمين.